تحديات أجهزة مسح الشرائح في طريق التحول نحو الباثولوجي الرقمي


مقدمة

يشهد مجال الباثولوجي العالمي تحولًا متسارعًا نحو الرقمنة، حيث أصبحت تقنية Whole Slide Imaging (WSI) ركيزة أساسية في التشخيص، الأرشفة، والتعليم والبحث العلمي. ومع ذلك، فإن هذا التحول ليس بالسهولة التي قد تبدو في المؤتمرات أو الإعلانات التسويقية. فبينما تَعِد الأجهزة الحديثة بتغيير جوهري في الممارسة اليومية، تواجه المختبرات والمستشفيات – خصوصًا في الدول ذات الدخل المحدود – عقبات كبيرة تعرقل هذا الانتقال.

في هذا المقال نستعرض أبرز التحديات التي تقف أمام انتشار أجهزة مسح الشرائح (Slide Scanners)، مع التركيز على البيئات التي تشبه واقعنا المحلي.




1. التكلفة العالية

أجهزة WSI تُعد استثمارًا ضخمًا؛ إذ تتراوح أسعارها عادة بين 80,000 – 300,000 دولار تبعًا للشركة والموديل. هذه الأرقام لا تشمل تكاليف الصيانة، عقود الدعم الفني، قطع الغيار، أو تراخيص البرمجيات.
في دول ناشئة ، قد تعادل كلفة جهاز واحد ميزانية قسم باثولوجي كامل في مستشفى حكومي، ما يجعل اقتناؤها خيارًا صعبًا.




2. الاحتكار وقلة المنافسة

يسيطر على السوق عدد محدود من الشركات الكبرى مثل Leica، Philips، 3DHistech، Hamamatsu. غياب المنافسة الفعلية يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويُبعد التقنية عن متناول المختبرات الصغيرة أو المؤسسات الأكاديمية.




3. متطلبات البنية التحتية

ملف واحد لمسحة عند تكبير ×40 قد يصل حجمه إلى 1–3 غيغابايت. هذا الحجم الضخم يتطلب:

سيرفرات قوية للتخزين والمعالجة.

اتصال إنترنت عالي السرعة لمشاركة البيانات، وهو غالبًا غير متوفر محليًا.

حلول نسخ احتياطي (Backup) متطورة لحماية البيانات.


غياب هذه البنية التحتية يعني أن الجهاز حتى لو توفر، سيظل استخدامه محدودًا.




4. الصيانة والدعم الفني

الأعطال التقنية معقدة وتحتاج خبراء من الشركات المصنعة. وبسبب عدم وجود مراكز خدمة محلية، قد يستغرق وصول الدعم أسابيع أو أشهر. كما أن عقود الصيانة الدورية تضيف عبئًا ماليًا مستمرًا على المستشفيات.




5. التشريعات والاعتماد

في العديد من الدول، لا يُسمح باستخدام الأجهزة لأغراض تشخيصية إلا إذا كانت FDA-approved أو CE-marked. هذا يحد من دخول الأجهزة منخفضة التكلفة أو المشاريع مفتوحة المصدر، ويُبقي السوق محتكرًا.




6. مقاومة التغيير

بعض الأطباء ما زالوا يفضلون استخدام المجهر التقليدي، معتبرين أن التحول الرقمي معقد أو غير ضروري. كما أن الخوف من فقدان الخبرة اليدوية أو الاعتماد الزائد على التكنولوجيا يعطل تبني التقنية.




الخلاصة

رغم أن الباثولوجي الرقمي يمثل مستقبل التشخيص الطبي، إلا أن الطريق أمامه مليء بالتحديات. أكبر العوائق تتمثل في:

ارتفاع التكاليف.

غياب البنية التحتية المناسبة.

احتكار السوق.

الصيانة والدعم الفني المحدود.


لكن هناك حلول واعدة يمكن أن تفتح الباب أمام اعتماد أوسع، مثل:

تطوير أنظمة منخفضة الكلفة ومفتوحة المصدر

اعتماد نموذج “الدفع حسب الاستخدام” بدل الشراء الكامل.

بناء شراكات بين الجامعات والمراكز البحثية لتقاسم التكاليف.





خاتمة

الباثولوجي الرقمي ليس مجرد رفاهية، بل خطوة ضرورية لمواكبة التطور في التشخيص والبحث الطبي. التحديات حقيقية وكبيرة، لكن النقاش حولها وابتكار حلول محلية هو ما سيحدد مدى سرعة وصول هذه التقنية إلى مختبراتنا.

هل ترى أن التحول نحو الباثولوجي الرقمي في بيئتنا مسألة وقت فقط، أم أن العوائق الحالية ستؤخره لسنوات؟